أخبار
«الأبحاث» و«الدفاع» يعدان لرصف الطريق التجريبي الثاني بـ «الأسفلت المطاطي»
تعتبر مشكلة الإطارات التالفة من أبرز المشاكل التي تحاول الدولة حاليا وضع حلول لها بإعادة تدويرها أو تصديرها للتخلص منها، حيث يزداد حجمها يوميا ويتضاعف في ظل الاستهلاك المتزايد وتراكم مخلفاتها.
ولعل معهد الكويت للأبحاث العلمية وهو الجهة العلمية الأولى في الدولة التي تقوم منذ فترة طويلة بالبحث عن حلول لهذه المشكلة، وذلك عبر تجارب الأسفلت المطاطي لرصف الطرق.
في هذا السياق، نفذ معهد الأبحاث الطريق التجريبي الأول بهذه التقنية ويعد حاليا في إطار التعاون الوثيق مع هندسة المنشآت العسكرية بوزارة الدفاع لإنجاز الطريق التجريبي الثاني.
الطريق التجريبي الثاني
وكشفت مديرة برنامج التشييد ومواد البناء وعضو اللجنة الوطنية لقطاع المواصفات م.سعاد البحر، أن المعهد يعد لإنجاز الطريق التجريبي الثاني بتقنية الأسفلت المطاطي بعد الحصول على نتائج أداء جيدة للطريق التجريبي الأول الذي تم رصفه على أحد الطرق الداخلية في المعهد بمنطقة الشويخ.
وذكرت أن فريق المشروع انتهى من إنجاز مخطط تصميم الطريق التجريبي الثاني، إذ تمت مناقشة تفاصيله الفنية مع فريق هندسة المنشآت العسكرية بوزارة الدفاع الراعية للمشروع، لافتة إلى أنه تم الاتفاق على تنفيذ الطريق التجريبي الثاني في محيط منشآت وزارة الدفاع بمنطقة صبحان وذلك باستخدام مطحون المطاط المستخلص من الإطارات التالفة كمادة ملدنة (بوليمير) للمزج مع البتيومين التقليدي لرفع مستوى أدائه وخصائصه الريولوجية (اللزوجة).
وذكرت البحر أن الطريق التجريبي الثاني قد صمم ليتحمل حملا مروريا عالي الكثافة وهو ما يميزه عن الطريق التجريبي الأول الذي صمم لحمل مروري خفيف إلى متوسط الكثافة.
خصائص الإسفلت المطاطي
وقالـت ان الأسفلــــت المطاطي صناعة معتمدة ومتقدمة في الولايات المتحدة الأميركية، ومنذ العام 1990 دعمت تطبيقاتها الأبحاث والدراسات التي أكدت نجاحها بشكل لافت، حتى أصبحت مواصفات الطرق في أكثر من 25 ولاية تنص على استخدام الأسفلت المعدل بالمطاط المستخلص من الإطارات معادة التدوير وتعطي لها الأولوية.
وأوضحت أنه في حال ثبت بالأدلة والنتائج نجاح تلك التجربة في الكويت، فإنها ستكون بمثابة مؤشرات على جدارة البتيومين المحسن بلدائن المطاط مقارنة بأنواع الملدنات (البوليمرات) التجارية المستخدمة حاليا لتحسين خواص البتيومين في الخلطات الإسفلتية لرصف الطرق في الكويت، وحينها يجدر بالمسؤولين والقائمين على صناعة الطرق وشبكة النقل وشؤون البيئة في جميع المؤسسات أخذ النتائج بالاعتبار وعلى محمل التطبيق والدعم.
وأضافت البحر أن نجاح نتائج هذه التجربة العملية والمشهودة ستكون بمثابة المرجع العلمي لاستخدام مادة المطاط المستخلص من الإطارات التالفة كمادة ملدنة (بوليمير) لتحسين خواص البتيومين في الخلطات الأسفلتية وبالتالي ستكون الدليل الذي يستند عليه لإدراجها في المواصفات العامة للطرق والطرق السريعة لدولة الكويت والتي تتبناها وزارة الأشغال والهيئة العامة للطرق والنقل البري.
مبادرات بيئية
وفي معرض حديثها عن تلك التقنية، أثنت البحر على مبادرة رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للهيئة العامة للبيئة الشيخ عبدالله الأحمد، في تصريحه لـ «الأنباء» في 3 ديسمبر 2020، حين أعرب عن استعداد الهيئة لتقديم دعم مالي من الصندوق البيئي لأبحاث وتطبيقات إعادة تدوير الإطارات التالفة لرفع كفاءة الطرق، إذ أن فكرة معالجة نفايات الإطارات لتحويلها إلى مضافات بوليميرية ملدنة، سيشجع على الاستثمار في صناعة الطرق، وإنشاء مصانع تدوير ومعالجة الإطارات التالفة، والتي باتت تشكل خطرا على الصحة العامة وعلى البيئة وعلى جودة الهواء.
أهمية المشروع
وعن أهمية مشروع الأسفلت المطاطي، ذكرت البحر أن المشروع يعد من المشاريع الجديرة بالاهتمام إذ انه أحد المشاريع البيئية المرتبطة بخطة التنمية «كويت جديدة 2035»، وتبرز أهميته في عدة مناح أهمها أنه من الناحية البيئية يقدم حلولا هندسية وعملية للتخلص من مخلفات صناعية خطرة كالإطارات التالفة، والتعامل معها بشكل آمن.
أما من ناحية ارتباطه بخطة التنمية، فلفتت إلى أن المشروع يتعلق بكفاءة أحد أهم عناصر التوسع العمراني وبناء المدن وهي شبكات الطرق والنقل إذ تعتبر أحد أهم مقوماتها، مما سيرفع مؤشرات التنافسية العالمية لدولة الكويت بتحقيق بنية تحتية متطورة.
امـــا مــــن الناحية الاقتصادية، فأوضحت البحر أن هـــذا المشروع سيغير النظرة المنهجية في التعامل مع المخلفات بشتى مصادرها، حيث يبرهن على إمكانية تحويل المخلفات إلى موارد اقتصادية منتجة يتوجب المحافظة عليها وتشجيع استغلالها.
وذكرت انه من الناحية العلمية فإن المشروع يبرز دور معهد الكويت للأبحاث العلمية في تطوير تقنيات إسفلت مبتكرة ودراسة تطبيقاتها لتحسين أداء الطرق الاسفلتية وإطالة عمرها الافتراضي بالتغلب على مشاكل تطاير الحصى وانسلاخ الطبقات السطحية للطرق، التي باتت تؤرق المجتمع الكويتي بأسره.
مزايا الطرق الأسفلتية
وعن أبرز مزايا الطرق الأسفلتية المطاطية، ذكرت البحر أن هذه الطرق مقاومة للانزلاق وحدوث التصدع والتشقق، كما يعتبر الإسفلت المطاطي مادة رصف جيدة تحسن من جودة ارتياد الطرق وتقلل الضوضاء.
وقالت ان الرصف بتقنية الإسفلت المطاطي يضمن تحقيق الاستدامة والسلامة على الطرق، وبلا شك فإن ذلك سيخفض تكاليف أعمال صيانة الطرق والطرق السريعة التي ترصد لها وزارة الأشغال سنويا ميزانيات الضخمة، دون التمكن من القضاء على الأسباب الجذرية المؤدية لتكرار التدهور والخسائر الفادحة في الموارد والأعطال التي تعاني منها شبكة الطرق والنقل في مدن الكويت وضواحيها.
تدوير المخلفات الصناعية
وشددت البحر في حديثها على أهمية دعم وتشجيع مشاريع تدوير المخلفات الصناعية ودعم الصناعات التحويلية الناتجة عنها لاستغلالها كموارد أولية بديلة، وأكدت على ضرورة توفير مواصفات أداء قياسية وكودات بناء تسهل استغلالها، حيث ان غياب التشريعات الخاصة بها يجعل تطبيق مخرجات الأبحاث والتقارير الفنية والأوراق العلمية التي أثبتت جدوى استغلالها، حبيسة الأدراج مما يضيع على القطاع الخاص فرصا استثمارية واعدة ذات جدوى اقتصادية محققة، خاصة أن دولة الكويت تفتقر إلى الموارد الطبيعية ومخزونات المواد الأولية اللازمة لاستمرار صناعات مواد البناء والتشييد كالإسمنت والخرسانـــة والطابــــوق والأسفلت وصناعة الأنابيب والمواد الملدنة والكيميائية، وغيرها كثير.
سن التشريعات
وفي الختام، اعتبرت البحر ما جاء من طرح بخصوص تقنية الإسفلت المطاطي، ما هي إلا دعوة لحث مؤسسات الدولة التشريعية كالمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية وبلدية الكويت والهيئة العامة للصناعة والهيئة العامة للبيئة، لسن التشريعات ووضع الاشتراطات التي تتيح لمشاريع الدولة العمرانية استخدام المواد معادة التدوير على مختلف مصادرها، سواء الناتج من مخلفات الإطارات التالفة أو المخلفات الإنشائية الناتجة من هدم المباني أو المخلفات الخرسانية وغيرها، لإدراجها في العقود مع إعطائها الأولوية في مشاريع تطوير المدن الذكية والخضراء، كما اعتبرتها دعوة لهيئة تشجيع الاستثمار المباشر، لتوفير الدعم المالي والفني لإنشاء شركات اعادة التدوير ودعم التعافي البيئي في الكويت.
المصدر: الأنباء الكويتية