مقالات وبحوث

قبلية الوطن أم وطنية القبيلة؟

قبلية الوطن أم وطنية القبيلة؟

هل ما زالت ذهنية القبلية قوية في مجتمعنا، أم أنها ضعفت منذ نشأة الدولة النفطية الحديثة؟ مهما كانت الإجابة، دعنا نقرر أنه ليس من مصلحة أي دولة حديثة، لها حدود مرسومة، أن تدعم ولاءات عابرة لحدودها، إن هذا الولاء يُضعف من استقرار الدولة نفسها. فما هي علاقة الدولة مع القبيلة تحديدا؟
يمكن القول إن الدولة لا تدعم الذهنية القبلية برّمتها، ولكن تستفيد من بعض القيم القبلية، وتعيد انتاجها وتوظيفها لترسيخ الولاء للدولة، وليس إلى القبيلة. الناس للدولة. فالدولة لا تشجع القبلية، لان القبيلة أقدم من الدولة الحديثة، وهي كيان عابر للحدود، ولكن تنتقي من القبلية تلك القيم التي يمكن أن ترسّخ شرعية الدولة الحديثة، وليس شرعية القبيلة. فكيف تحقق الدولة هذه المعادلة الدقيقة؟
دعنا نأخذ موضوع الزواج مثلا. فالقبيلة منغلقة عادة حيال ذلك بسبب نظرتها إلى الدم والنسب، مما يجعل الزواج من خارج القبيلة صعباً للغاية. وأما الدولة فتأخذ من القبلية نفس القيمة، ولكن تطبقه في مفهوم المواطنة، فتحجب الجنسية عن أبناء من تزوّجت بغير كويتي.
ودعنا نأخذ موضوع تقديم الدولة لخدمات الرفاهية المعروفة، كالرعاية السكنية، ومجانية التعليم والعلاج، والتوظيف. فهو مستمد من قيمة الكرم في العطاء على أبناء القبيلة، أو المواطنين في هذه الحالة. وفيما تصطفي الدولة ما ناسب من قيم قبلية كالكرم والفزعة وغيرهما، فإنها تهمّش وتحاصر ما لا يتوافق مع منطق الدولة الحديثة. وفيما تظل القبلية حاضرة في حس المجتمع الكويتي، فإن حضورها يظل رمزيا ومُتخيّلا، على عكس حضور الدولة اليومي، والواقعي. ولا ضير في أن يستفيد «الواقعي» من «المتخيل» في تقوية نفوذ هذا الواقع، وليس في نفوذ «المتخيل».

د. هشام العوضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق