لم يكن صادماً تقرير البنك الدولي الأخير بخصوص التصنيف البشري ضمن مشروع «رأس المال البشري»؛ فقد كان هناك كثير من المقدّمات المعلوماتية والقرارات الحكومية الكويتية، التي تدعم ما توصّل إليه البنك الدولي أخيراً.
لكن لو صبر وتصبّر البنك الدولي إلى آخر العام الدراسي حتى ظهور نتائج الاختبارات فقد يغيّر رأيه وتوصياته، خصوصا حين يتم الحسم النهائي من قبل وزارة التربية بخصوص طبيعة الاختبارات الانتقائية المعتمدة جزئيا على توصيات البنك الدولي ضمن دراسة، قدّمها البنك بخصوص تطوير المناهج ومنح رخصة المعلم، باعتبارها مهنة وليس وظيفة، علاوة على اعتماد منهج الكفايات الذي بات يتأرجح في الشهور الأخيرة بين القبول والرفض أو استبدال منهج المقررات به، وهو المنهج الأميركي بعينه، وقد تم تناول هذه التفاصيل ضمن مقالات سابقة، آخرها مقال بعنوان «حقل التجارب الكويتي» (9 أكتوبر 2018).
«تربّعت»، ولله الحمد، الكويت بموجب تقرير البنك الدولي المذكور على «عرش» المرتبة الـ77 عالميا، والأخيرة خليجيا، في مؤشر «رأس المال البشري»، وقد يغلب على التقرير شيء من المبالغة، خصوصا حين تتم مقارنة مؤشر رأس المال البشري في الكويت مع دول أخرى متقدمة، أو عربية وخليجية أيضا، فالمفاهيم والخطط تختلف من دولة إلى أخرى، خصوصا أن البيانات التي يملكها البنك الدولي قد لا تكون بالضرورة مطابقة لنفس بيانات «التربية» والحكومة بشكل عام!
حين باشر قبل سنوات فريق البنك الدولي مقابل اتفاق رسمي مع وزارة التربية على تقديم دراسة متكاملة حول تطوير المناهج والمعلم، أيضا، بموجب عقد بملايين الدنانير، دفعت «الوزارة»، أيضا، وفودا من وزارة التربية إلى القيام بكثير من المهمات الرسمية إلى واشنطن ومدن أخرى على حساب المال العام، قد تكون توصيات الفريق منقوصة أو مغلوطة، فأعضاء الفريق الدولي الذين جاء بعضهم من أستراليا وأميركا، ربما لم يحالفهم الحظ في التمكن من معرفة تقاليد وتراث العمل السياسي الكويتي، وهو عمل شاق ليس عليهم وحدهم، بل حتى علينا كأفراد من الشعب!
فالعمل السياسي الكويتي معقّد؛ بسبب تذبذب القرارات والتراجع والتدخّلات، أيضا، في القرارات والخطط إلى جانب ضرورة أن ترضي الحكومة كل الأطراف، سواء في الحكومة نفسها أو مجلس الأمة أو خارجهما، حتى يخرج الجميع بالرضا عن الأداء الحكومي، وليس تطوير رأس المال البشري بعيون دولية.
ربما غاب عن البنك الدولي التركيز التنموي على حجم المشاريع الإنشائية الضخمة والمكلفة على الدولة كبديل إستراتيجي لتنمية العنصر البشري مؤقتا، حتى تكتمل البنية التحتية في الشوارع والمدن الجديدة والجسور لتتفرغ لاحقا الإدارة الرشيدة الحكومية لتنمية وتطوير رأس المال البشري!
لا بد أن يدرك البنك الدولي أن الكويت ما زالت تحت النمو، وليست دولة نامية، بغض النظر عن البيانات والبهرجة الإعلامية، ولا بد من التريث في التصنيف وإصدار التقارير، فبيانات البنك قابلة للخطأ والصواب أيضا، علاوة على أن من سياسة الإدارة الحكومية عدم الإفصاح عن كل البيانات؛ تفادياً لانكشاف أسرار الدولة التي هي أساسا ليست محل بحث وتقييم دولي!
خالد أحمد الطراح