أثارت إجراءات وزارة الداخلية الاخيرة ــــ بشأن شبهة الاستيلاء على المال العام في الوزارة في القضية الشهيرة تحت مسمى «مصروفات الضيافة»، والمتورّط فيها عدد من قياديي «الداخلية» وتحويلهم الى النيابة ــــ ضجّة في المجتمع الكويتي، لا سيما بعد أن وجهت النيابة تهماً عدة؛ منها الاستيلاء على المال العام بقيمة ٢٣ مليون دينار وغسل الأموال والتزوير.
حظيت هذه الإجراءات بتفاعل كثير من المواطنين الذين اشادوا بالخطوات الايجابية نحو محاربة الفساد وتبديد اموال الدولة وأكدوا ضرورة دعم وتشجيع تلك الخطوات حتى تنتقل الى وزارات الدولة الاخرى.
ولا شك في أن إحالة المتهمين الى النيابة العامة، لا سيما قياديي الوزارة، أمر مستغرب على المجتمع الكويتي، وما تبعها من الكشف عن القضايا المالية المرتبطة بذلك الملف من ملاك فنادق ومتورّطين آخرين تسبّب في ردّ فعل ايجابي بين اوساط الشارع الكويتي، الذي شدّد على ضرورة ان يكون ذلك نهجا عاما للدولة وألا تكون قضية عابرة ومؤقتة تكون فيها المحاسبة انتقائية ومحدودة بسبب حالة الاحباط التي يشعر بها المواطن جرّاء تفشّي الفساد وغياب المحاسبة العادلة.
وقد أعددنا دراسة لتوجّهات الرأي العام في مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة توجّهات المغرّدين حول قضية مصروفات الضيافة وآرائهم حول مكافحة الفساد وتحويل القياديين الى النيابة، لا سيما بعد صدور قرار القاضي بتجديد حبس المتهمين الى ٢٤ الجاري، حيث تقوم هذه الدراسة بتحليل ورصد تعليقات مستخدمي موقع «تويتر» وقياس آرائهم وتوجّهاتهم في شأن هذا الملف.
وبيّنت النتائج ان غالبية التغريدات، وبنسبة ٧٧٪ أتت ايجابية، في حين ٣٢٪ من التغريدات كانت سلبية لأسباب عدة. اما ابرز المواضيع المتعلّقة بملف مصروفات الضيافة فكانت ٤٥٪ ترحيبا وشكرا للخطوات الاصلاحية التي تشهدها «الداخلية»، ٢٦٪ توجّهت نحو التساؤل عن بقية الفاسدين وسُرّاق المال العام في الدولة وسبب عدم اتخاذ اجراءات مماثلة نحوهم، كما علّق كثير من المغرّدين عن خوفهم بأن يكون الموضوع لإثارة الرأي العام؛ «باص يركبه المغردون».
البيانات الكبيرة
غطّت الدراسة نشاط المغرّدين في «تويتر» منذ 1 ــــ 12 أكتوبر الجاري، وقامت الدراسة وبطريقة تحليل البيانات الكبيرة big data بتحليل التغريدات التي تناولت موضوع مصروفات الضيافة وحبس القياديين لمعرفة توجهاتهم وابرز المواضيع المتعلّقة بالقضية، وقد تم اعتماد منهجية تحليل المضمون لدراسة تعليقات المواطنين ومحتوى تغريداتهم.
عدوى المحاسبة
أشار التحليل الى ان غالبية التعليقات في «تويتر» أتت ايجابية وبنسبة ٧٧٪ مع الخطوات التي اتخذتها وزارة الداخلية في شأن تحويل القياديين وجميع المتهمين المشتبه بهم الى النيابة العامة لاتخاذ الاجراءات المناسبة في حقهم.
وأشاد كثير من المغرّدين بتلك الخطوات، داعين بقية الوزارات الى الاقتداء بوزارة الداخلية واتخاذ خطوات مشابهة بحق كل فاسد، كما تمنّى كثير من المغرّدين أن تنتقل عدوى المحاسبة لجميع ارجاء البلاد.
أما ٢٣٪ من المغردين فكانت تغريداتهم سلبية تجاه الموضوع برمته لأسباب عدة، وبيّن التحليل ان كثيراً من المغرّدين يشعرون بأن الموضوع به تصفية حسابات وأن الغاية الاساسية هي الاطاحة بأشخاص معينين، كما ان بعض المغرّدين أشاروا الى ان الموضوع ليس بجديد، فلماذا اثارته الآن؟ وأين هم من المحاسبة والمراقبة في حينها؟ ولماذا صُرفت الاموال من دون الرقابة عليها من الاساس ومن دون التحرّي من أوجه الصرف؟
أهم المواضيع
وقد أخذ ملف «مصروفات الضيافة» حيّزاً كبيراً من اهتمامات المغرّدين وتعليقاتهم في «تويتر»، وأشار التحليل إلى ان ابرز المواضيع التي تحدث بها المغردون عن الموضوع كانت الاشادة بخطوات وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح وإجراءاته الحازمة بمواجهة كل المتورّطين من دون تمييز بنسبة ٤٥٪، اما ٢٦٪ من التغريدات فتوجّهت نحو التساؤل عن بقية الفاسدين وسُرّاق المال العام في الدولة وعن سبب عدم تطبيق القانون عليهم وعدم تحويلهم الى النيابة، كما في ملف مصروفات الضيافة.
وعبّر ٢١٪ من المغردين عن خوفهم بأن تكون القضية مجرد اثارة للرأي العام ولفت الانظار عن غيرها من القضايا المهمة في البلاد، حتى انهم علّقوا بخوفهم بان يكون سجن سراق اموال الضيافة مجرد «باص» يركب به المغردون وسرعان ما يمضي مع الوقت. اما ٨٪ فتحدثوا عن مصير تلك المبالغ وخطوات استردادها، مؤكدين ان محاسبة المتهمين لا تغني عن اتخاذ خطوات جادة في استرجاع المال العام للدولة.