أخبار
الاستشارية الأسرية وداد العيسى: النساء «خفت طلعاتهن» والرجال «غابت ديوانياتهم».. فزادت المشاكل الزوجية
في ظل ما يمر به العالم من تبعات «كورونا» المستمرة والمتلاحقة، أصبحت الضغوطات الاجتماعية والمشاكل الأسرية واحدة من الآثار السلبية الواضحة والمصاحبة للجائحة، فارتفاع حالات الخوف المرضي وكثرة المشاكل الأسرية والنفسية جانب لا يمكن تجاهله كإحدى التبعات طويلة المدى لـ «كوفيدـ19».
هذا ما أشارت إليه الاستشارية النفسية بمركز ثوابت وإصلاح ذات البين وعضو المجلس الأعلى للأسرة د.وداد العيسى، إذ أكدت العيسى أن قلة الطلعات لدى السيدات وعدم خروج الرجال إلى الديوانيات واحدة من أسباب كثرة المشاكل الزوجية خلال الآونة الأخيرة، مشيرة إلى أهمية الصبر على البلاء والعمل على علاج السلوكيات السلبية في شخصياتنا للعبور بسلام من هذه الأزمات الصحية والاقتصادية والنفسية التي فجرتها «كورونا» خلال عام ونصف العام تقريبا، فإلى التفاصيل:
ما الإرشاد الأسري والنفسي؟ وما أهميته وتأثيره على المجتمع؟
٭ في البداية علينا أن نقف أمام قول الله عز وجل: (لقد خلقنا الإنسان في كبد)، وهو ما يعني أنه لا توجد حياة دون عقبات ولا بيوت بلا مشاكل، لذلك فإن من نعم الله تعالى أن منّ علينا بمثل هذا العلم والمتمثل في علم الإرشاد النفسي الأسري.
وتكمن أهمية مثل هذا العلم في قدرته على مساعدة الأسرة وأفرادها في التعرف على مشاكلهم وسلبياتهم ووضع الحلول الجذرية لإحداث التوافق داخل الأسرة، باعتبارها نواة صلاح المجتمع.
ماذا عن دور المرشد الأسري والاجتماعي وأبرز المهام المكلف بها؟
٭ على خلاف الاعتقاد المتوقع لدى الكثير، فإن دور المرشد الأسري ليس تقديم النصيحة، إنما يعمل على تبصير الأسرة وإرشادها لحل مشاكلها الاجتماعية ووضع يده على مواطن الخلاف المتعلقة بالأفراد في الأسرة أو المتعلقة بالزوجين أو الأطفال. لذلك فالمرشد يقوم بعمله في تبصير الأسرة بنوع المشكلة الموجودة، ويعينها على معرفة أسبابها، فمن المتعارف عليه أنه «إذا عرف السبب بطل العجب»، ليستكمل بعد ذلك المرشد دوره وعمله بوضع خطة علاجية فعالة لهذه المشكلة، بما يحقق الاستقرار النفسي والسعادة الأسرية.
وبناء على ذلك فإن أهمية وقيمة الإرشاد النفسي تكمن في قدرة المعالج على تبسيط المشكلة ووضع الخطة المناسبة حتى لا تصل إلى حد كبير يصعب التعامل معها.
هل مجتمعاتنا العربية وبالتحديد مجتمعنا الكويتي أصبح متقبلا لمثل هذا العلم.. خاصة أن الكثير من مجتمعاتنا العربية تعتقد أن اللجوء للمرشد النفسي لا يكون إلا في حالات «الجنون»؟
٭ يمكننا أن نصنف مجتمعنا العربي والكويتي إلى 4 فئات رئيسية، لتتمثل الفئة الأولى في أفراد المجتمع ممن يلجأون إلى شيوخ الدين، وهنا أود الإشارة إلى أننا لا ننكر دور الشيوخ في مجالات الرقية الشرعية وغيرها من الأمور الدينية بالغة الأهمية في حياتنا، ولكن هناك البعض يتجه إلى شيخ الدين في حالات مختلفة لا تتعلق باختصاصهم مثل حالات الفوبيا والاكتئاب والاضطراب النفسي التي لا تتطلب شيخا إنما تتطلب مرشدا نفسيا وأسريا.
أما الفئة الثانية، فهي الفئة التي نعاني منها في خليجنا العربي وهي التي تلجأ إلى غير المختصين والحاصلين على الدورات التدريبية في مجال الطاقة وغيرها، وتكمن الخطورة في أن الاستشارة الخاطئة قد تؤدي إلى ضياع الأسرة في مثل هذه الحالات، حيث تأتينا حالات كثيرة تعاني من تفاقم في المشكلات الأسرية نتيجة مراجعتها لمدعي التخصص.
أما الفئتان الأخريان فهما المتناقضتان، فالثالثة متفهمة لأهمية الإرشاد الأسري والنفسي، والرابعة لا تؤمن نهائيا بمثل هذه العلوم. وفي النهاية، بصفتي معالجة نفسية أتلمس وعيا كبيرا في الكويت بأهمية الإرشاد الأسري، فالجيل الحالي أصبح أكثر وعيا بأهمية العلوم النفسية.
ماذا عن تقييمك للمشاكل الاجتماعية والأسرية في الكويت خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة التي يشهدها العالم؟
٭ المجتمع الكويتي كغيره من المجتمعات لديه مشاكل اجتماعية وسلوكية مختلفة ومتنوعة، وهو أمر طبيعي أن يتعرض مجتمعنا لمثل هذه المشاكل.. فالعالم ككل بحكم ظروف جائحة كورونا وما يحدث من ضغوطات مختلفة نتج عنها الكثير من حالات الفوبيا والمشاكل النفسية نتيجة «كوفيدـ19». لذلك فتلك المشاكل ليست في الكويت فقط، ومع النظر للإحصاءات العالمية فمن الطبيعي أن نشهد ارتفاعا في معدلات الخوف المرضي على سبيل المثال في جميع أنحاء العالم.
وكيف نتخلص من هذا الخوف المرضي الناتج عن جائحة كورونا؟
٭ لا يوجد أحد لا يخاف، ولكن هناك حد مقبول للخوف، وفي حالة زيادة هذا الشعور عن معدلاته الطبيعية بشكل يؤثر على حياة الشخص بصورة واضحة، هنا يمكن أن نشير إلى أن الشخص لديه نوع من الخوف المرضي غير المقبول.
فعلى سبيل المثال الخوف من جائحة كورونا يكون باتخاذ الإجراءات الاحترازية المشددة واتباع تعليمات وزارة الصحة بارتداء الكمامات وتجنب الخروج إلا في الضرورة، ولكن عندما يصل الخوف إلى حد الإغلاق وعدم الخروج نهائيا حتى في أوقات الضرورة، فهنا على الشخص أن يلجأ إلى معالج نفسي مختص للقضاء على هذا الخوف وفقا للأساليب العلمية المتبعة.
من الطبيعي في ظل هذه الظروف الصعبة أن تتولد الكثير من المشكلات الأسرية.. فما علاقة كورونا بتلك المشاكل وكيف نتجت؟
٭ أكثر المشاكل الأسرية المرتبط بجائحة كورونا ناتجة عن قلة الخروج وكثرة الاحتكاك اليومي بين أفراد الأسرة، فالرجال لا يذهبون إلى الدواوين، والنساء «خفت طلعاتهن»، وهو ما ينتج عنه زيادة طبيعية في الخلافات بين الأزواج.
كما أن كورونا جعلت أطفالنا يقضون الكثير من الوقت أمام الأجهزة الإلكترونية، لتولد لديهم الكثير من المشاكل المتعلقة بالعنف، وهذه المشاكل مع الأسف في زيادة بصورة غير طبيعية، نتيجة اكتساب الأطفال للكثير من السلوكيات السلبية بسبب قلة الطلعات وعدم تواجدهم في المدرسة وهو أمر طبيعي مع الألعاب الإلكترونية واكتساب جميع أشكال العنف. لذلك فقد تولّد لدى الجميع حالة من الضغط النفسي وزادت حالات الخوف والقلق والغضب من قبل جميع أفراد الأسرة، وعلينا الإشارة إلى أن هذه نوعيات من السلوكيات السلبية كانت موجودة في مجتمعاتنا قبل الجائحة، ولكنها زادت الوتيرة مع الوضع الوبائي الذي يمر به العالم.
ما نصيحتك للأزواج خلال هذه الفترة العصيبة؟
٭ نصيحتنا للجميع تتمثل في ضرورة الاستشعار والإيمان بأن هذا الوباء ابتلاء من رب العالمين، وأن فيروس كورونا جند من جنود الله عز وجل، فما علينا إلا الصبر واحتساب الأجر، وعدم التصديق بأن ما نمر به الآن من وباء بمنزلة عذاب إنما هو اختبار من رب العالمين وعلينا النجاح فيه.
فعلى الرغم من سلبيات هذه المرحلة، إلا أنها فرصة مميزة لاكتشاف السلبيات المتواجدة في شخصيتنا، لنعمل على إصلاحها من خلال معالجة السلوكيات السلبية.
بعيدا عن كورونا.. ماذا عن ارتفاع معدلات الطلاق في الكويت.. وهل وصلت إلى حد الخطورة؟
٭ علينا أن نكون أكثر واقعية، فمع الأسف ليست لدينا إحصاءات محلية أو عالمية حتى نتمكن من مقارنة المجتمع الكويتي بالمجتمعات الأخرى، فعلى الرغم من الزيادة النسبية في معدلات الطلاق، فإنها تقابلها زيادة كبيرة أيضا في حالات الزواج.
ولكن الملاحظ وبشكل واضح في مجتمعنا الآن أنها أصبحت سريعة وبلا أسباب أو نتيجة أسباب يسهل معالجتها، إذ يمكننا الإشارة إلى ارتفاع حالات الطلاق في السنوات الـ 5 الأولى من الزواج، نتيجة الضغط النفسي.
ومن هنا علينا المناشدة بأهمية وضرورة وجود قانون يلزم الطرفين قبل الزواج باجتياز دورة في العلاقات الزوجية أسوة بضرورة إجراء الفحوصات الطبية قبل الزواج.
في نهاية حديثنا.. كيف نختار المرشد الأسري؟
٭ في مجتمعنا كما أشرنا، الاستشارة الخاطئة قد تؤدي إلى ضياع الأسرة، خاصة في ظل ما نشاهده الآن من حرية الرأي في مواقع التواصل الاجتماعي وما تحمله من نصائح قد تكون في كثير من الأحيان بعيدة كل البعد عن أهل الاختصاص، لذلك علينا التأكد من اختصاص الاستشاري النفسي والأسري قبل التوجه إليه، لأن الإرشاد علم وليس نصيحة.
المصدر: الأنباء الكويتية