من يزور منطقة الحساوي في جليب الشيوخ للمرة الأولى لا يشعر أبدا انه في إحدى مناطق الكويت، فالخراب والدمار في كل مكان والشوارع مكسرة والحفر هنا وهناك والكلاب الضالة المسعورة تسير أمام البيوت بل وتعوي أمامها بشكل مخيف، ناهيكم عن المناهيل المفتوحة التي تخرج منها مياه المجاري في منظر يندى له الجبين، ويعتبر ناقلا للأمراض والأوبئة والروائح الكريهة التي لا يتحملها بشر.
قمنا بجولة في شوارع المنطقة للتعرف عن كثب عن تلك المشاكل التي يعاني منها سكان المنطقة والتي يقطنها عدد لا يستهان به من العائلات الكويتية والذين اصبحوا يعيشون في كارثة حقيقية، فالمنطقة تعاني من سوء الخدمات المقدمة لقاطنيها وأهمها المستوصف والجمعية فضلا عن تقارب السكن الخاص مع السكن الاستثماري ما يجعل قاطني السكن الخاص لا يشعرون بالخصوصية، حيث أصبح «حوش بيوتهم» مكشوفا لقاطني السكن الاستثماري، لاسيما الذي يسكنون في الأدوار العليا منه.
كما ان منطقة الحساوي أصبحت مرتعا للفساد والدعارة وصناعة الخمور وتجارة المخدرات بسبب العمالة السائبة التي تسكن في المنطقة، والغالبية العظمى منهم مخالفون لقانون الإقامة، وعندما تصل لمنطقة الحساوي لابد ان تمر على دوار إبليس والذي أصبح ذا سمعة سيئة للغاية من الناحية الأخلاقية، ناهيكم عن سوق الحرامية الذي أصبح سوقا سوداء لبيع الأدوية والسلع التموينية، والغريب في الأمر تلك الأزقة الضيقة التي تباع فيها خضراوات وفواكه، فأين الجهات المعنية من مراقبة تلك الأسواق العشوائية غير المرخصة؟
في السطور التالية، تفاصيل عما رصدناه من بنية تحتية متهالكة لم يطرأ عليها أي تطوير منذ السبعينيات فضلا عن التكدس العشوائي البشري من العمالة وشبكات الصرف الصحي المتهالكة، وكذلك آراء عدد من المواطنين وهمومهم.
بداية، أوضح رئيس اللجنة الشعبية بمنطقة جليب الشيوخ خالد مشعان المطيري ان هناك نحو 45 عائلة كويتية تقطن في منطقة الحساوي ويعانون الأمرين بسبب سواء الخدمات المقدمة لأهالي المنطقة خاصة المستوصف والجمعية، مشيرا إلى وجود عصابات من العمالة السائبة ومخالفي الإقامة الذين يمارسون الدعارة وصناعة الخمور وبيع المخدرات «عيني عينك» على مرأى ومسمع من سكان المنطقة، مستغربا من ان وزارة الداخلية لا تحرك ساكنا في هذا الشأن.
وأفاد المطيري بأن وزراء سابقين مثل د.فاضل صفر وأحمد باقر زاروا المنطقة ووصفوها بأنه منطقة منكوبة من ناحية البنية التحتية، مشيرا الى وجود ما يزيد على 800 ألف وافد من مخالفي الإقامة.
وطالب المطيري بضرورة الإسراع في إنشاء مدن عمالية خارج المناطق السكنية وعمل نفضة لمنطقة جليب الشيوخ، لاسيما الحساوي بإبعاد مخالفي الإقامة الذين يرتكبون جرائم يومية دون حسيب أو رقيب، مشيرا إلى أن الأمراض والأوبئة انتشرت في المنطقة بسبب الكلاب الضالة السائبة والجرذان المنتشرة بسبب عدم النظافة وتراكم القمامة في كل مكان.
وأضاف: هناك انتشار للأسواق العشوائية في شوارع المنطقة والتي تبيع خضراوات وفواكه دون رقيب من البلدية، لافتا إلى أن سقوط الأمطار خير، ولكن بالنسبة لمنطقة الحساوي فهي مأساة بكل ما تحمل الكلمة من معنى بسبب تراكم المياه التي تؤدي الى دخول المياه داخل المنازل وغرق السيارات.
وحمل المطيري المسؤولين مسؤولية ما يعاني منه المواطنون في منطقة الحساوي، متمنيا من الحكومة الجديدة الالتفات الى مشاكل المنطقة وإيجاد الحلول المناسبة لها ومناشدا رئيس مجلس الوزراء إيجاد حل جذري لمشاكل المنطقة والمستمرة على مدار 15 عاما.
وأشار المطيري الى ان المواطن ناصر البرغش قدم مشروعا تنمويا «المثلث الذهبي» لتطوير منطقة جليب الشيوخ وبرغم أهمية المشروع إلا انه لم ينفذ حتى الآن على أرض الواقع، مستغربا سكوت المسؤولين عن الوضع السيئ الذي يعيشه قاطنو منطقة الحساوي.
وخلال جولتنا التقينا المستشار الدولي «والسفير فوق العادة» عزيز ناصر الرشيدي الذي أوضح ان منطقة جليب الشيوخ بحاجة لإعادة النظر واهتمام المسؤولين والتي لم يطرأ عليها اي تطوير في البنية التحتية منذ 50 عاما تقريبا.
وناشد الرشيدي المسؤولين في الدولة بالاهتمام بحل مشاكل المنطقة، لاسيما انه يقطنها الكثير من العائلات الكويتية ولكنها ازدحمت بالعمالة الوافدة والتي في معظمها عمالة سائبة ومخالفة للإقامة.
وأكد الرشيدي ثقته الكاملة بالقيادة السياسية وبالحكومة الرشيدة بتغيير حال منطقة جليب الشيوخ ومنها منطقة الحساوي الى الأفضل، مؤكدا ان الحال بالتأكيد لن يبقى على ما هو عليه الآن، متمنيا من جميع المسؤولين التعاون فيما بينهم لتحقيق الصالح العام لدولتنا الحبيبة الكويت وتحسين مناطقها والبنية التحتية فيها بما يليق بسمعة ومكانة الكويت.
وفي لقاء مع أحد سكان المنطقة، المواطن محمد النصافي تحدث لـ «الأنباء» عن معاناة سكان المنطقة التي تفتقر للكثير من الخدمات الرئيسية فضلا عن وجود سكنه الخاص بجوار السكن الاستثماري بما يجعل منزله يفتقر للخصوصية، لاسيما من قاطني الطوابق العليا في السكن الاستثماري.
وأشار إلى انتشار الكلاب الضالة والجرذان بما يجعل المنطقة معرضة للأوبئة والأمراض وانتقال العدوى، لافتا إلى انهيار البنية التحتية في المنطقة وتكسر الشوارع وانتشار القمامة فضلا عن سوء شبكات الصرف الصحي بما جعل السكان يعانون من الروائح الكريهة المنتشرة في كل مكان.
وناشد النصافي المسؤولين بالاهتمام بالمنطقة وزيارتها ورؤية مشاكلها على ارض الواقع، مشيرا الى ان المنطقة قنبلة موقوتة وستنفجر بأي لحظة وستحدث كارثة لا تحمد عقباها.
وتساءل: ما التصنيف الحقيقي للمنطقة هل هي منطقة سكن خاص؟ ام منطقة سكن استثماري؟
وتمنى النصافي من الحكومة الجديدة الاهتمام بمنطقة الجليب وحل المشاكل التي يواجهها سكانها والمستمرة من عشرات السنين.
ومن ناحية أخرى، أوضح النصافي ان هناك الكثير من الوافدين المخالفين لقانون الإقامة في المنطقة ويرتكبون العديد من الجرائم ولا حسيب ولا رقيب، مناشدا رئيس مجلس الوزراء بسرعة التدخل لإيجاد حل جذري للمنطقة، مستنكرا غيــاب وزارات الدولة عن الاهتمام بتطوير منطقة جليب الشيوخ بما أدى الى انتشار الأوبئة والأمراض وانهيار تام في البنية التحتية مقترحا اما تحويل المنطقة الى سكن استثماري او الإتيان بمشروع التثمين.
المصدر: الأنباء الكويتية